.

.

السبت، 23 يوليو 2016

منهجية تحليل النص الأدبي



د. الحسين أبت مبارك
1- المقدمة:
نسعى من خلال المقدمة إلى وضع فذلكة موطئة لارتياد النص، وتفكيك ما تضافر على تكوينه من مكونات بنائية وإيقاعية ومعجمية وتركيبية ودلالية، وغالبا ما ننحو في هذه المقدمة نحو تأطير النص أو المرحلة التي نشأ فيها وإبراز علاقة النص بصاحبه. أو ننزوي إلى الحديث عن بعض المفاهيم كمفهوم الإبداع أو التحليل وما يرتبط به من تفسير وتأويل وغيرهما، أو الجمع بين هذه المداخل كلها، شريطة ألا ننفض إلى مجاوزة الحد في التطويل.

قراءة في معلقة "امرئ القيس"



بسم الله الرحمن الرحيم


* بين يدي الشاعر:
امرؤ القيس بن حجر الكندي (الملك الضليل أو ذو القروح...)، اختلف في تاريخ وفاته فجعلوه بين 530 و 540 و 560 م. وهو أمير سليل عائلة ملكية (أبوه كان ملكا)، تكالبت عليه قبيلة أسد وقتلته، فتجرد امرؤ القيس- ما بقي من حياته- لأخذ الثأر دون أن ينال بغيته. وفي هذا السياق تأتي القولة المشهورة التي يوردها صاحب "الأغاني": (ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا، اليوم خمر وغدا أمر).

منهجية العمل الجامعي



بسم الله الرحمن الرحيم

د. الحسين ايت مبارك
بولوج رحاب الجامعة تشهد حياة الطالب تحولات عميقة، إن على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو المعرفي العلمي، ما يستلزم منه الوعي بشروط هذا التحول، وإيجاد الصيغ العملية المناسبة لمواكبة هذا التحول واحتوائه.
وإذا كنا قد تحدثنا – في سياق المحاضرات- عن بعض المعضلات النفسية والاجتماعية التي تصاحب الطالب وهو ينصرف عن بلدته وبيت عائلته إلى بيوت الطلبة وإلى حيث الجامعة، فحقيق بنا أن نقتصر في هذه الورقات على الحديث عن منهجية العمل العلمي الجامعي في صيغه البسيطة والمركبة، خاصة في ضوء مراكمة الطالب لمعارف متعددة، ما يقتضي التنسيق والتنظيم.

قصيدة "وطاوي ثلاث" أو "أيا أَبَتِ إذبحني!": دراسة وتحليل



حياة الحطيئة:
اسمه جرول بن أوس بن جُوَيَّةَ بن مخزوم بن مالك، كنيته أبو مليكة (نسبة إلى ابنته مليكة)، ولقبه الحطيئة، لقصره وذمامته وقربه من الأرض. وهو من بني عبس، من مضر، لا نعرف تاريخ ميلاده، ولكنه ولد في الجاهلية، من أمة اسمها الضراء. وكان له إخوة من أبيه، لم يعترفوا به. لذلك حاول الالتحاق بأهل امرأة أبيه، فنبذوه. فهجاهم كما هجا إخوته.
نعرف أن الحطيئة كان فقيرا منذ صغره، وأنه كان يعيش من عمله، أو بما يكرم عليه المحسنون.

قراءة في "منهج البحث في الأدب" لغوستاف لانسون



د. الحسين أيت مبارك
توطئة:
تحتل مناهج البحث حيزا فسيحا في التفكير الفلسفي، حيث نلفيها تشغل بابا أو جزءا من مؤلفات الفلاسفة تحت اسم "méthodologie" ستفرغ من خلالها الوسع لاستكناه الركائز الفلسفية التي تنبني عليها مناهج العلوم. ولعل الطابع التنظيري الذي وشم هذه الدراسات جعل الأنظار تنصرف إلى البحوث المتخصصة التي تنزع منزعا تطبيقيا تمحيصيا، رجاء الخروج بنتائج جديرة بالاعتبار.

القراءة: مفهومها وأنواعها



د. الحسين أيت مبارك
مقدمة:
لن نستشير أي مؤلف عن مفهوم القراءة وإنما سنعمد إلى استنطاق جذرها اللغوي من خلال المعجم، لنتحول إلى ربط دلالتها اللغوية بتجلياتها التطبيقية التي تتمظهر في شكل أنواع قرائية. إن جذر مصطلح قراءة هو "ق – ر - أ"، فقرأ فعل ثلاثي مهموز متعد.
نقول: قرأته قراءا، وقراءة، وقرآنا. بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: "إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرآناه فاتبع قرآنه"[1] أي قراءته من هذا المنطلق، نقول قرأت الشيء قرآنا، أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض، فالقراءة والقرآن متضمنان لمعنى الجمع، على اعتبار أن القرآن يجمع السور ويضمها،  ونقول أيضا ما قرأت هذه الناقة سلى قط، أي لم يضطم رحمها على جنين، أو لم تلقه، وهذا هو المعنى الذي قصد إليه الشاعر العربي بقوله: هجاه اللون لم تقرا جنينا[2].

الاتجاهات الأدبية في العصر المرابطي



د. الحسين أيت مبارك
إن أول ما يتبادر إلى الذهن هو، لماذا الاتجاهات؟ وتعيينا على العهد المرابطي دون غيره؟ ولعل نظرة فاحصة إلى كتاب "المعجب" وإلى مناظرة الشقندي ومؤلفات المستشرقين وبعض المشارقة بعدهم، وما تعج به من اتهامات للمرابطين تروم التنقيص منهم كفيلة بفك غموض هذه التساؤلات والإجابة عنها، إذ تجعل من ضمن غاياتها شجب تلك الرؤية الجائرة التي تواضع هؤلاء على صياغتها ضد المرابطين والرد على ما نَضَحَتْ به مؤلفاتهم من مغالطات ولغو صراح.

أصول الأدب العربي وامتداداته: مدخل إلى أشكال التواصل بين الأديب المشرقي والمغربي



ذ. الحسين أيت مبارك
 
1- المشرق والمغرب بين هوة المخالفة وجسر المؤالفة: نحو طرح إشكالي:
لا تنفك الأطر الثقافية والفكرية تتواشج فيما بينها وتتوالج، كما تتكيف بتكيف البيئة ومجال الانتماء والسياق الزمني الذي انبثقت فيه ونشأت فيه، نظرا إلى ما يؤلف بين الظواهر الاجتماعية والتاريخية والسياسية، والقضايا الثقافية والمعضلات الفكرية من روابط سببية وعلاقات التوالد والتناسل وتبادل التأثير.
وعليه، من المفيد أن نشير إلى أن الأدب "فن لغوي"(1) أو "وعي إنساني يعبر عن نفسه بالكلمات، أي اللغة"(2)، لنفهم أنه يشكل "ذاكرة الثقافة"(2) المصوغة بوساطة هذه اللغة التي يعرفها ابن جني بأنها "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"، ناهيك بما آنسه فيها الجاحظ من وظيفة بيانية، بمعنى أن اللغة هي التعبير عن الذات والعالم، والإبانة عنهما قصد التواصل والتفاعل.