.

.

السبت، 23 يوليو 2016

القراءة: مفهومها وأنواعها



د. الحسين أيت مبارك
مقدمة:
لن نستشير أي مؤلف عن مفهوم القراءة وإنما سنعمد إلى استنطاق جذرها اللغوي من خلال المعجم، لنتحول إلى ربط دلالتها اللغوية بتجلياتها التطبيقية التي تتمظهر في شكل أنواع قرائية. إن جذر مصطلح قراءة هو "ق – ر - أ"، فقرأ فعل ثلاثي مهموز متعد.
نقول: قرأته قراءا، وقراءة، وقرآنا. بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: "إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرآناه فاتبع قرآنه"[1] أي قراءته من هذا المنطلق، نقول قرأت الشيء قرآنا، أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض، فالقراءة والقرآن متضمنان لمعنى الجمع، على اعتبار أن القرآن يجمع السور ويضمها،  ونقول أيضا ما قرأت هذه الناقة سلى قط، أي لم يضطم رحمها على جنين، أو لم تلقه، وهذا هو المعنى الذي قصد إليه الشاعر العربي بقوله: هجاه اللون لم تقرا جنينا[2].

ولعل هذا المعنى اللغوي هو الذي شاع أيضا في المعاجم الحديثة، فقرأـ الشيء جمعه وضم بعضه إلى بعض.
قرأ عليه السلام، أبلغه إياه، قرأت الناقة، إذا حملت أو إذا كانت حاملا، وولدت تقرأ المرأة إذا اجتمع دم حيضتها.
فالقراءة مصدر قرأ، وهي النطق بالمكتوب أو إلقاء النظر عليه، ومطالعته وجمعها قراءات[3].
وبمحاولة الجمع بين ما جاء في المعجمين بخصوص كلمة "قراءة" نخلص إلى أنها تنطوي على معاني الضم والنطق والإبلاغ.
فالضم: عملية يتتبع بها القارئ عناصر الرموز ليضمها.
والنطق: عملية نطق الرموز المدركة، إذن فهو عملية أدائية.
أما الإبلاغ: فهو عملية وصل بين القارئ وما تحويه كأنساق الرموز المتتابعة و"هذه المدلولات الثلاث تتجاوب مع المعنى الإبداعي الذي يتضمنه التصور المعاصر للقراءة، خصوصا حين تقترن القراءة بالاكتشاف والتعرف، وإنتاج معرفة جديدة بالمقروء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن ثمة دلالات يحملها لفظ "قراءة" حسب قدماء اليونان.
- القراءة هي التلفظ، والنطق، وتحويل المكتوب منطوقا.
- القراءة هي الشرح، والتوضيح، وتحويل الغامض المبهم إلى واضح جلي.
- القراءة هي ترجمة من لغة إلى أخرى.
إذن، فمعنى القراءة، بوجه عام لا ينفصل عن التفسير والتوضيح والكشف والإظهار، ويبتعد عن التأويل – رد الشيء إلى الغاية المرادة منه -  فمعناهما الفهم والكشف، والتعرف داخل المعنى المعاصر لمصطلح قراءة، فكل عمل ينطوي عليه التفسير والتأويل تنطوي عليه القراءة. إذن فكل قراءة هي عملية تفسير وتأويل، والعكس صحيح فكلا هما يرتبط بالآخر ويستمد منه وجوده، كما لا يتم أحدهما بمنأى ومعزل عن الآخر.
القراءة خطوة نحو الكتابة:
إنه ينبغي أن "نحسن القراءة لكي نحسن الكتابة"[4]، ويكتسب هذا القول مشروعيته من التسليم بالرأي القائل إن الأدب "ضمير الشعب"، والقراءة الفاعلة "ضمير الأدب"[5]
من هنا المنطلق يبدو أن القراءة تظهر وتتشكل ملامحها من خلال فاعلية القارئ، وذلك بالتركيز على معنى المراجعة التي يتضمنها نقد النقد في جانب، ومعنى التأصيل المعرفي، الذي يتضمنه النقد الشارح في جانب ثان، ومعنى القواعد التي تحكم عمليات التفسير أو التأويل، وإن كنا نسجل – في هذه العمليات- تغليبا للجانب التطبيقي على النظري. ولئن كان الفصل في مجال القراءة بين النظرية والتطبيق حادا، فإن تأكيد النظرية بات أمرا ضروريا رجاء تعقل القارئ، والارتقاء بوعيه عند القراءة.
ومهما يكن من أمر، فالقراءة لا يمكن أن تتبلور بشكل إيجابي وفعال إلا بانقسام وعي القارئ، وغذا وعيا مزدوجا- ذاتا وموضوعا- ولاسيما في مرحلة القراءة الاستيعابية، فبحضور الوعي بموازاة مع معطيات المقروء، يتم إدراك هذه المعطيات والسيطرة عليها الأمر الذي يتيح "التحقق الذي تكتمل به سلامة القراءة في يقين هذا القارئ، ويدرك أن جهاز قراءته قد كشف في النص الذي قرأ عن معنى ذي دلالة في السياق التاريخي لهذا النص، وأفقه الزمني الخاص وذي دلالة موازية في السياق التاريخي لهذا القارئ وأفقه الزمني الخاص في آن"[6].
إن القراءة عمل يتم تنفيذه ليصبح عملية معرفية، تروم وصل القارئ بالمقروء، الأمر الذي يستدعي توافر هذين العنصرين الضروريين اللذين لا تتم أي قراءة في غيابهما، أما القارئ فيفترض فيه أن يكون فاعلا وذا حضور قوي، على الرغم مما قد يتعاقب عليه من اختلافات، باختلاف الأعصر، إما على مستوى أفكاره، أو على مستوى مذاهبه، واتجاهاته، أو على مستويات أخرى متعددة، وفي ضوء ذلك تتحدد كيفية تعامله مع الواقع ومع المقروء على السواء، وذلك كله يشكل مرتكزا أساسيا، ونقطة البدء والمعاد، ولا سيما إذا كان هذا المقروء تراثا.
ومن المفيد أن نومئ إلى أنه ينبغي للقراءة ألا تنفصل عن التصور النقدي الشامل، من حيث يغدو (المقروء) كيانا منتظما ومثمرا من المعرفة، وكلا متماسكا من البنى والمعايير والوظائف التي تضم قيما لا يمكن الذهول عنها أو الوقوف عند بعضها دون الآخر.
وبصيغة أخرى، إن القراءة عمل تزامني، لا يلغي حركيته في الزمن، ووسيلة من وسائل اللذة والتعلم، اعتمادا على الخصائص الجوهرية الصميمية لأي مادة مقروءة. أضف إلى ذلك أن القراءة\- في المحل الأول – ليست إلا اختيارات القارئ في إطار التتابع المتضام لمساق الكلمات في النص المقروء.
ولعل ما يثير الانتباه، هو طبيعة العلاقة بين القارئ والمقروء والتي تقوم على التجاوب، والتفاعل، بحيث يتحتم على القارئ الانصهار في بوتقة المقروء، والاندماج في أتونه، في أفق إنتاج قراءة تكشف عن عالم قارئ النص بقدر ما تكشف عن عالم النص المقروء.
إن المدخل إلى تأكيد أهمية "القراءة" ينطلق من الجزم بعدم وجود نص دون متقبل له، إذ بوساطة هذا الأخير تتحدد أبعاد النص، ودلالاته، ويتم الكشف عن الجهاز المفهمومي الذي يحكم رؤيته الفكرية، والمعرفية وعلى عكس ذلك، فإن ثمة نصوصا لا باث لها، أو هي في حكم المجهول، مما يفضي بنا إلى التسليم بأن المتقبل إذا أكثر ضرورة لوجود النص من قائله.
فحدث القراءة، ينطوي على ثلاثة عناصر. القارئ، والمقروء، ثم الأنساق المعرفية التي تصل بينهما وتحيط بهما، إذ بوساطة هذه العناصر يتاح خلق الحدث نفسه، وحضورها بذاتها في علاقة متناغمة ومتكاملة، يجعل القراءة أقرب إلى الموضوعية منها إلى الذاتية، وموجز القول إن القراءة "أداء للنص، وإنتاج دلالته، بالاكتشاف، والتعرف والفهم والتأويل، فذلك يعني أن القراءة تظل عملية تلفظ النص الذي ينطق عبر قارئه"[7].
قراءة التراث:
قبل أن نخوض في هذه المسألة الشائكة والشائقة في الآن ذاته، نلمع إلى أن القراءة نوعان: قراءة استهلاكية وأخرى منتجة.
فالقراءة الاستهلاكية تقصد إلى التسلية وضياع الوقت وإن كنا نتعرف من خلالها إلى بعض الأخبار والأحداث، وتتجلى هذه القراءة خصوصا في الصحف والمجلات والقراءات التي تسبق النوم.
أما القراءة المنتجة أو الفعالة فتجعل من القارئ عنصرا فاعلا في المقروء ومنفعلا معه على نحو يتجاوب فيه مع الأثر بعيدا عن هوية المبدع وشخصه، ويبلغ هذا التجاوب حد اللوم والخصام والنبذ في بعض المواقف، كما يبلغ حد التوافق والتصالح والتراضي في مواقف أخرى مسترشدا في هذا الرأي أو ذاك بتعليل منطقي ينسجم والنص المقروء. وفي ظل هذا النقاش بين التعارض والتأييد يكون القارئ قد أبدع مقروءا جديدا له فاعليته.
بهذا الفهم، لا يسعنا إلا التأكيد بأن نسقية التصور النقدي من جهة طبيعته ووظيفته هو الكفيل بخلق فعل "قراءة استنطاقية"[8] أو "تشخيصية،  وتأويلية"[9]، وليس "استنساخية"[10] تشكل فضاء تسثمر فيه عمليا طاقات/ القارئ في طرح تصور منهجي عام ومقاربة تحليلية موفقة، "فالقراءة الاستنطاقية" تستحضر جدل الذات والموضوع والوعي بالتأويل وتسعى سعيا حثيثا إلى الكشف عن التناقضات الثاوية في ثنايا الخطاب أو النص المقروء، وذلك بالاقتراب منه والتغلغل فيه نتيجة البعد عن الحذلقة التنظيرية، ومحاولة خلق أفق انتظار ممتع لدى المتلقين الآخرين.
إن "كيفية القراءة" مشكلة معرفية، منها نستمد اطمئناننا إلى الباحث على اعتبار أن "الكتابة بغير القراءة هي مجرد لغو"[11]، ولاسيما في ضوء المناهج الشديدة الفجاجة والابتسار  والمستبدة بالعصر، والتي ما يزال أساسها النظري دائم الانزياح والتحول.
من هنا ضرورة أن تكون القراءة قراءة إضافة ولا قراءة حذف مما يستلزم مرورها عبر مرحلتي الاستكشاف ثم التأويل والاسترجاع، جاعلة من مبدأ (اختلاف التأويل وتعدده) منطلقا لها، فالأدب حمال لوجوه، ونرى مع رولان بارت أن "الأثر الأدبي يقترح والإنسان يدبر"[12].  
تستوقفنا عملية قراءة التراث إذن، للكشف عن مدى فاعلية جهاز القراءة / المتجهة إلى المركون في سديم المكتبات، ولفحص مدى حرص قارئ التراث على "أن يفهم أكثر من أن يحكم"[13] وذلك، عبر إجلاء مجموع العمليات الواعية واللاوعية التي يمارسها القارئ في حركيته  المنهجية، ورؤيته النسقية التي يشكل الفهم عمدتها والحكم تصورها – كمل أسلفنا الذكر-.
ولعل ذلك لا يتأتى إلا بإمساك العلاقة بين الأدب كفن والنقد الأدبي كفكر[14] .
من هذا المنطلق، تطرح العلاقة بين نظرية القراءة، وعلم الأدب، في صورة علاقة تنبني على التفاعل والتلازم، ويبتدئ ذلك عند محاولتنا البحث والتنقيب في أغوار التراث ومجاهله،  و"ننطلق من مواقف فكرية محددة لا سبيل إلى تجاهلها، ونفتش في التراث عن عناصر للقيمة الموجبة أو السالبة، بالمعنى الذي يتحدد إطاره المرجعي بالمواقف الفكرية التي ننطلق منها"[15].
فتحديد غائية التراث رهين باستعادة المعايير الأدبية لمراحل تاريخية معينة، ذات أبعاد اجتماعية وفكرية متباينة ومتعارضة تتجاوب وأبعاد الحاضر المتباينة، والمتعارضة كذلك. هذا الحاضر التواق بحرارة إلى نهضة تستقي جل مادتها من الماضي، وبخاصة الجوانب المضيئة والمشرقة منه، ويعبر عن ذلك، الشاعر حافظ إبراهيم بقوله:
لعل في أمة الإسلام نابتة


تجلو لحاضرها مرآة ماضيها

 أضف إلى ذلك، قول أمير الشعراء،  أحمد شوقي.
ومن نسي الفضل للسابقين
أليس إليهم صلاح البناء

ا

فما عرف الفضل فيما عرف
إذا ما الأساس سما بالعرف

 فإذا كانت استعادة الماضي، هي الأرضية التي تأسست عليها القراءة الإحيائية، فقد كان طبيعيا أن يتحول كثير من النقد الإحيائي إلى رواية الكتب القديمة، وتنويع على أفكار تراثية، كما نلمس خصوصا مع الشيخ حسين المرصفي في كتابه: "الوسيلة الأدبية"، أو يتحول إلى شرح لها، وهذا ما يجلو عنه عمل الشيخ محمد عبده، في كتاب: "دلائل الإعجاز".
إن اقتصار جهد الذات القارئة، على الحكاية والتخلص، يؤكد الاستعادة/ التي تفضي إلى تقصي القارئ للمقروء في عملية يصبح معها الماضي مسقطا على الحاضر، والحاضر صورة للماضي / إن هذا العصر قد أعاد فتح باب الاجتهاد وحاول إعادة النظر في التراث الأدبي القديم، والتنقيب في معطياته، فالقراءة الحديثة انتقادية وتنويرية في الوقت نفسه، تنطلق من فاعلية اللغة لأدب، والإيمان بأن هذه الفاعلية تحكم وتكسر القوالب المتحجرة الثابتة لمنظومات القيم السالبة في العالم، ولكي يصل إلى هذا الهدف يحتم عليها أن تتجاوز وتبدع دون أن تقف عند عتبة الإتباع والتقليد، ومن هذا المنطلق يمكن تصنيف القراءة إلى اتجاهات ثلاثة مراعاة للغاية.   
أولا: القراءة الانتقائية: وهي التي تحاول التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، وهذه القراءة يقوم بها فهمي جدعان ويقربها في كتابه "نظرية التراث"، حيث يقول: "هذا المنهج هو من غير شك من أكبر دواعي العصر الثقافي، فنحن، كي نجعل التراث حيا راهنا أو كي نجعله يستجيب لحاجات ذات/ طابع عقلي، أو عملي ملح، نقوم بإعادة قراءته بحسب هذا المنهج، أو ذاك، مما نختار من مناهج راهنة معاصرة فيبدو التراث مع ذلك أو بذلك، معايشا لنا ولأحوالنا ويبدو جزءا طبيعيا من الحياة الحديثة"[16]. ويسترسل فهمي جدعان في توضيح منهجه، في قراءة التراث بقوله: "إن كل قراءة من هذه القراءات هي قراءة متفردة، تخص نفسها بالكلمة الأخيرة، الفصل في فهم التراث، وكل قراءة منها توجه التراث توجيها قبليا واضحا، وتريد أن توظف التراث لقضايا العصر وهمومه وأغراضه فهي، إذن، وإجمالا ليست، مجرد قراءة للفهم فحسب، وإنما للفعل والتأثير أيضا"[17].
ثانيا: القراءة التثويرية: وتقوم على تقديم مشروع رؤية جديدة تنتقل بها من التراث إلى الثورة، أو من الثابت إلى المتحول كما هو الشأن عند أدونيس (علي أحمد سعيد) في كتابه "الثابت والمتحول"، يقول: "إننا حين نحاول، نحن، العرب في القرن العشرين أن ندرس تراثنا الماضي فإن ما يجدر بنا فيه، هو بالضبط الإنتاج المرتبط بمنحى التحول، وهو النتاج الذي رفضه أسلافنا في الماضي"[18]،  ولا يقف أدونيس عند هذا الحد، بل يرى في القراءة سبيلا إلى القول، والحركة، والثورة على التراث، فنجده يعبر عن هذا المعنى في أسلوب تصويري، إذ يقول: "نحن نعلم منذ فرويد أن الابن لا يستطيع أن يكتب حريته، ويحقق شخصيته، إلا إذا قتل أباه،  على الإنسان العربي أن يميت تراث الماضي في صورة الأب لكي يستعيده في صورة الابن، حينئذ/ دون أن يخرج من دينه، يستخلق تراثا جديدا، وحضارة جديدة، يكونان تراث الحرية وحضارتها"[19].
ونستشف من هذا النص فكرة أساسية، دأب أدونيس على ترديدها والدعوة إليها، وهي فكرة التجاوز والتخطي. وفي تقديري أنها فكرة خطيرة تتأسس على رفض التراث وعدم الاعتراف به، إلا ما كان من المواقف المتمردة والخارجة عن المألوف والتي يعتبرها نقاطا مضيئة في التراث.
ثالثا: القراءة التنويرية: وتتغيى تبين تكوين العقل العربي، ولاسيما مع محمد عابد الجابري الذي ما فتئ يلح عليها في جل كتاباته، وبخاصة كتاب "الخطاب العربي المعاصر" حيث يقول: "لا ندعي أننا نقوم بعمل بريء أي بقراءة لا تسهم في إنتاج المقروء، فمثل هذه القراءة لا وجود لها، وإذا وجدت فهي النص ذلك بدون قراءة، بل إننا على العكس من ذلك، نحاول أن نسهم بوعي وتصميم، في إنتاج مقروئنا"[20].
فثقافة الناقد وخبرته الجمالية هي عوامل الإخصاب الطبيعي للعملية النقدية، فهو يضيف خبرته إلى خبرة الشاعر، وعن طريق المزج بين هاتين الخبرتين نخرج بقراءة ثالثة تقدم للقارئ الواعي ليتفاعل معها من جديد، وذلك ما جعل الناقد مبدعا لا عالة على فئات الأدباء لأن النص يتحقق من خلال القارئ، وقد عرض تزفيطان تودوروف ثلاثة أنواع من القراءة وهي:
1- القراءة الإسقاطية: تعامل النص كأنه وثيقة لإثبات قضية شخصية أو اجتماعية أو تاريخية.
2- قراءة الشرح: قراءة تلتزم بالنص، ولكنها تأخذ منه ظاهر معناه فقط.
3- قراءة الشاعرية: قراءة النص من خلال شفرته بناء على معطيات سياقه الفني، والنص هنا خلية حية تتحرك من داخلها مندفعة بقوة لا ترد لتكسر كل الحواجز بين النصوص، وتسعى إلى كشف ما هو باطن النص، إننا نشرط تخطيا لما تعطيه قراءات الإسقاط والشرح، والتشبت بقراءة الشاعرية التي تعمل على اختراق البناء السحطي وأصله إلى الرؤى والثقافات التي ترقد في الأعماق.
وبهذا النوع من القراءة - الشاعرية- يحتم على القارئ أن يلتفت إلى جماع الأدوات التي يتكون منها النص المقروء من لغة وألفاظ وخيال وحدوده ودوره في صنع الصورة على اختلاف هيئاتها وتشكيلاتها، والموسيقى إن كان بالنص شعرا.
إن ما يلفت الانتباه بخصوص التراث وخاصة من التراث النقدي هو قلة القراءات والدراسات التي تناولته، حسبنا أن نشير منها إلى قراءاة محمد مندور وطه أحمد إبراهيم، وإحسان عباس، ومحمد شكري عياد، وجابر عصفور الذي حاول التزام أكبر قدر من الموضوعية في دراسة / هذا التراث على الرغم من إيمانه بصعوبة تحقيق هذه الموضوعية في غياب تحديد موقف ثابت من الحاضر، والذي يتحول باستمرار، الأمر الذي يفسر تباين وجهات النظر إزاءه، ويفسر اختلاف زوايا دراسة التراث/ وقد نظر الدكتور جابر عصفور لهذا الموقف على الخصوص في كتاب "مفهوم الشعر"، إذ حاول تقليب النظر في مفهوم الشعر في التراث في ضوء التصور الذي يتعامل مع التراث من منظور الوعي بالحاضر، بغية إقامة الجدل بين الماضي والحاضر، وقد زاد في تكريس هذه الرؤية من خلال كتابه "قراءة التراث النقدي". أخيرا نشير إلى محاولة عبد العزيز جسوس الأستاذ بكلية الآداب من خلال كتابه "النقد الأدبي عند العرب في طوره الشفوي"، وإن ظل مجترا لآراء سابقيه في الموضوع.
لائحة المصادر والمراجع:
1- القرآن الكريم
2- "لسان العرب"، ابن منظور.
3- "المعجم العربي الحديث"، (لا روس)، الدكتور خليل الجر.
4- "قراءة التراث النقدي" جابر عصفور.
5- "النقد والحقيقة" رولان بارت.
6- "حاضر النقد الأدبي"، محمود الربيعي.
7- "إضاءة النص" اعتدال عثمان.
8- "الخطاب العربي المعاصر"، محمد عابد الجابري.
9- "الاتجاهات الرئيسية في النقد"، مجلة الفكر العربي، عدد 25.
10-"النقد الأدبي ومدارسه الحديثة"، ستانلي هايمن.
11- "في البحث عن لؤلؤة المستحيل"، سيد بحراوي.
12- "نظرية التراث"، فهمي جدعان.
13- "الثابت والمتحول"، أدونيس.
   

      
        
  



[1] - سورة القيامة، الآيتان 17-18.
[2] - "لسان العرب"، ابن منظور، ص: 132، المجلد I، دار صادر للطباعة والنشر.
[3] - "المعجم العربي الحديث" (لاروس)، الدكتور خليل الجر، ص: 940، مكتبة لاروس سنة 1987.
[4] - النقد والحقيقة"، رولان بارت، ص: 40، هامش 79، مجلة الكرمل، عدد 11/1984 ترجمة إبراهيم الخطيب، مراجعة محمد برادة.
[5] - استأنسنا بهذا الرأي من كتاب "حاضر النقد الأدبي"، محمود الربيعي، ص: 162-163، دار المعارف بمصر، ط 2/1977.
[6] - "قراءة التراث النقدي"، جابر عصفور، ص: 25.
[7] - "قراءة التراث النقدي"، جابر عصفور، ص: 95.
[8] - الاصطلاح مستعار من "إضاءة النص"، اعتدال عثمان، ص: 108، دار الحداثة، ط 1 / 1988، بيروت. 
[9] -  ينظر "الخطاب العربي المعاصر"، محمد عابد الجابري، ص 8-10، دار الطليعة، ط 2/1985، بيروت.
[10] -  يرى الجابري أن القراءة الاستنساخية والقراءة التأويلية تقومان معا داخل النص وتستقبلانه، غير أن التأويلية تعتمد الوعي بالتأويل، والثانية تضبط بالنص المعنى القائم في الذهن. (المرجع السابق).
[11] - قول لسارتر، ص: 207، نقلا عن "الاتجاهات الرئيسية في النقد"، مجلة الفكر العربي، عدد 25.
[12] - "النقد والحقيقة"، رولان بارت، ص: 26.
[13] - "النقد الأدبي ومدارسه الحديثة"، ستانلي هايمن 1/18.
[14] - "في البحث عن لؤلؤة المستحيل"، سيد بحراوي، ص: 27، دار الفكر الجديد، ط 1/1988 بيروت. 
[15] - "قراءة التراث النقدي"، جابر عصفور، ص: 11.
[16] - "نظرية التراث"، فهمي جدعان، ص: 28، ط 1، دار الشروق والتوزيع، 1985.
[17] - نفسه، ص: 28.
[18] - "الثابت والمتحول"، أدونيس، ص: 114، ط 4، دار العودة، بيروت.
[19] - نفسه، ص: 16.
[20] - "الخطاب العربي المعاصر"، محمد عابد الجابري، ص: 10، ط 1، دار الطليعة للطباعة والنشر، 1982.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق